ساد العالم موجة عنف لم يشهدها من قبل ، بفعل سيطرة الظلاميين على المدارس والمساجد وعلى التفكير العقلاني ، وتحصنوا في كهوف الظلام وتعلقوا بالماضي المقدس لديهم ، وتبرّموا من عالم صنع لهم الطائرات والسفن والسيارات والثلاجات والتكنلوجيا الحديثة من هواتف ذكية وإنترنيت ـ وغدا العالم كقرية صغيرة ، ومع ذلك رشوا الملح على الجروح في نفوس قلقة خائبة ، على أساس من لا يشبهنا عدو لنا والمختلف هو تهديد لوجودنا ومفاهيمنا وإيماننا فعلينا أن نقتله أو يقتلنا .
لقد تمّ التلاعب بمخيلات الآطفال وكسبوا عواطف الشباب فغرروا بهم ، فسافروا بهم إلى دهاليز الماضي وفاتهم القطار المسافر إلى المستقبل ، فأرادوا أن يفرضوا لونهم وأفكارهم وتقاليدهم بشتى الطرق والوسائل في الوقت الذي لا يقبلون عكس ذلك ، إي أن يفرض الاخرين أفكارهم ومعتقداتهم عليهم .
الكراهية هي قوة مدمرة للذات البشرية ، إي لحاملها ، فلا يتوهم أن من يستهدفه ستكون ردود فعله
الرضوخ والخوع ، ولم يفهموا مقولة : ( إحذر الحليم إذا غضب ) .
وعودة إلى عنوان المقال ، فهناك دول معروفة أوجدت الإرهاب ومولته ودعمته مادياً ولوجستياً ، مثل قطر والسعودية وإيران وتركيا ، إلا أن الحاجة قد إنتفت ، فيتظاهروا الآن بأنهم يحاربون الإرهاب ، كلها تكتيكات مرحلية حسب المصالح والمكتسبات ، لكن تاريخهم معروف بالوثائق والمستندات ، فهل وعوًا بأن البقاء على سدة الحكم مرهون بمحاربة الإرهاب و التظاهر بذلك لا يجدي ، كما تفعل كل من السعودية وقطر وتركيا وإيران في الآونة الأخيرة .
السعودية أدركت قبل غيرها ، أن الطوفان آتِ وسيقلع أركان حكم آل سعود المتهريء ، فأيام الملك السابق عندما هبّت مظاهرات الربيع العربي في أكثر من بلد عربي ، قطع إجازته ورجع فوراً وأصدر قرارات بمنح الموظفين والعاطلين عن العمل مبالغ مالية يسيل لها اللعاب ، ووافق لتلبية كل مطاليبهم وأكثر من مطاليبهم لإسكاتهم ، فكانت خطوة عبقرية للبقاء في الحكم والسيطرة على الوضع على الدول التي دعمت الإرهاب ومولته وساندته أن تعلم ، أن التصالح مع الآخرين المختلفين لا بدّ منه ، وهو خير للجميع ، فالعيش المشترك والإحترام المتبادل لمعتقدات المختلفين هو لمصلحة ومنفعة الجميع دون إستثناء ، وما تقوم به السعودية من إنفتاح مزعوم على العالم ، يصب في هذا الإتجاه ، ونريد من الدول المارقة: السعودية : قطر: تركيا :إيران أن تترجم الأقوال إلى أفعال وتتراجع عما فعلته من إجرام بحق الناس الأبرياء ، وتكفّر عن ذنوبها بإتخاذ خط سير معاكس مختلف ، وتسافر في قطار التقدم والإنسانية بدل السير إلى الماضي السحيق فتغرق فيه قبل غيرها ، والتراجع عن الخطأ فضيلة كما يقال ، فهل تفضّل الفضيلة بدل الرذيلة ؟ وتنفض غبارالشوائب التي علق بأفعالهم بإطلالة جديدة ، فتكون نكهة التفاؤل لها معنى وطعم خاص ، فتوسم قبول الآخر بفعل مترجم على
أرض الواقع ، قبل أن يرفضهم العالم الحر ، وعندها لا ينفع البكاء ولا صريف الأسنان ، وتكون الرقعة عصية على الراتق ، ويكونوا قد جنوا على أنفسهم بانفسهم ، فهل وصلت الرسالة ؟ عسى ولعل !!